الخرطوم: عواطف إدريس
تلعب البحوث العلمية دوراً محورياً في تطوير الصناعات والمنتجات المختلفة وتسهم بشكل مباشر في تطوير الاقتصاد والنهوض بالبلدان المختلفة. وبالرغم من وجود هيئات وإدارات للبحوث العلمية في السودان، إلا أن مساهماتها لا تزال ضعيفة ودون الطموحات للباحثين و رواد الأعمال والقطاعات الصناعية والزراعية، فيما لم تدفع الدولة بسياسات وخطط واضحة للاستفادة من هيئات البحوث المختلفة وتطوير البحوث العلمية للعلماء والمختصين. وفي إفادات لموقع (آفرو شنقر)، تناول الباحث و مؤسس و مدير مركز الغرين الهندسية، د. عمر عبد الرازق، والذي تخرج من قسم الهندسة الإلكترونية بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، متخصصاً في هندسة الاتصالات، عدداً من المعوقات التي تواجه الباحثين، كما أكد أهمية البحوث في تطوير الصناعات والتكنولوجيا في السودان..
حدثنا عن مركز الغرين الهندسية والغرض من إنشائه والخدمات التي يقدمها للسوق المحلي والمهتمين؟
تأسست الغرين الهندسية والتي تعني الطمي (وهي المقابل الفصيح للفظة “القرير” بالعامية السودانية)، في سبتمبر 2016م، كمصمم ومُطور ومُصنع للحلول التقنية المبتكرة والمنخفضة التكلفة في مجالات المنصات الإلكترونية للتطوير والتدريب والأجهزة المعملية والعلمية للمشاركة بفعالية في تطور تقنية المعلومات والاتصالات والصناعات الكهروالكتروميكانيكية بالسودان. تقدم الغرين الهندسية خدمات تصميم وتطوير وتصنيع المنصات الإلكترونية للتطوير والتدريب والأجهزة العلمية والمعملية منخفضة التكلفة، وتصميم وتنفيذ اللوحات الإلكترونية المطبوعة PCB مفردة و ثنائية الجانب، والتنمية البشرية عبر الفترات التدريبية التطبيقية في مجالات الاتصالات، والتصميم الإلكتروني، والأنظمة المدمجة وغيرها، بالإضافة لتقديم الاستشارات الفنية في المجالات ذات الصلة.
ماهي أهم الأعمال والمشروعات التي تولت الغرين الهندسية تنفيذها ومدى تقبل السوق لها كصناعات محلية؟
في إطار رؤية و رسالة الغرين الهندسية فقد تولت تنفيذ عدة مشروعات، أهمها تصميم وانتاج لوحة التحكم في مكيفات الهواء التبخيري و لوحة تطوير المتحكمات الدقيقة نوع AVR (بدء) والعديد من لوحات المنصات الإلكترونية، هذا بالإضافة لتقديم خدمات طباعة اللوحات الإلكترونية للعديد من المؤسسات الصناعية والبحثية ورواد الأعمال والمخترعين والهواة.
أما عن تقبل السوق لها، فالسوق السوداني فيه متسع لجميع الأفكار لتنوع العملاء خصوصاً المنتجات المرتبطة بالتقنية مع وجوب الجودة والسعر المناسب للمنتج الوطني وهذا ماتقوم به الغرين الهندسية.
حدثنا عن أهمية البحوث في تنمية وتطوير الصناعات والمشروعات الصغيرة في السودان؟
يصنف السودان كإحدى دول العالم الثالث، والتي يجب أن تعتمد في اقتصادها الصناعي والزراعي على الصناعات التحويلية والتصنيع الأولي للمواد الخام الصناعية والزراعية (النباتية والحيوانية) لإحداث قيمة مضافة لها بغرض التصدير و الاكتفاء الذاتي عبر صناعات أو مشروعات صغيرة أو متوسطة لتحقيق النمو الاقتصادي المنشود. إلا أن استمرارية تلك الصناعات أو المشروعات وتطورها مرتبط بعملية البحث العلمي التطبيقي المستمر في مختلف مكونات المشروع الفنية التقنية أو البشرية الإدارية أو التسويقية.
في رأيك ماهي المشكلات التي تواجه الباحثين والمخترعين و التي تعوق من تطوير أعمالهم ومشروعاتهم؟
أهم مشكلة تواجه الباحثين أو المخترعين وتحد من نشاطهم هو عدم وجود إستراتيجية بحثية شاملة تحدد أولويات البحث العلمي ومجالاته بما يخدم حاجات الأمة السودانية الصحية والتعليمية والصناعية والاجتماعية والاقتصادية والعدلية وغيرها بما يحقق رفاهيتها. حيث نجد أن البحث العلمي يبدو كالغريب وأغلب من يتعاطونه يعيشون غربة الانفصال عن حاجات المجتمع الذي ما زال لم يكمل إيمانه بدورهم، مما دفع بعض الباحثين والمخترعين لتوجيه جهودهم لخدمة قضايا مجتمعات أخرى تقوم بتحفيز جهودهم مادياً و معنوياً، والأكثرية استسلمت لضغط الواقع فأصبحوا موظفين يسعون وراء لقمة العيش. هذا لاينفي وجود قلة قليلة مازالت قابضة على جذوة البحث العلمي المستمدة من الأمل الموعود. ثم تأتي مشكلات بنيوية البحث العلمي وهيكليته داخل المؤسسات البحثية أو المؤسسات التي تضم وحدات بحثية في كيفية إدارة البحث العلمي خصوصاً التطبيقي منه منذ تحديد المشكلة البحثية وحتى تطبيق مخرجاته.
من وجهة نظرك كيف يمكن الدفع بالاقتصاد وتحقيق نهضة اقتصادية اعتمادًا على الصناعات والمشروعات الصغيرة وريادة الأعمال؟
مايمر به الاقتصاد السوداني حالياً من تأزم يُقرأ من خلال ارتفاع معدل التضخم وإنخفاض سعر الصرف للعملة الوطنية في مقابل العملات الأجنبية مترافقاً مع إضعاف المؤسسات الصناعية التحويلية أو التجميعية وسيطرة قطاع الخدمات على الاقتصاد دون المؤسسات الصناعية والزراعية كنتيجة للتطبيق المشوة للاقتصاد الحر، نجد أنه لاسبيل سوى توجيه الموارد نحو الصناعات التحويلية الصناعية والزراعية (النباتية و الحيوانية) والتجميعية عبر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال والمعضدة بالتعليم الفني والأكاديمي المستند على البحث العلمي التطبيقي وفق رؤية مبنية على حاجات المجتمع في تحديد الأولويات عبر مشروعات محددة لها خطة تنفيذية مفصلة توالي التنفيذ بالتقييم والتقويم من خلال مؤشرات كمية واضحة لضمان المخرجات لإحداث التحول من الإقتصاد الرأسمالي التقليدي لاقتصاد المعرفة.
ما هو الدور المنوط بالدولة القيام به لتشجيع الباحثين والمبتكرين ورواد الأعمال لتحقيق النهضة الاقتصادية؟
أهم أدوار الدولة هو الإيمان بدور البحث العلمي والابتكار وريادة الأعمال في تحقيق النهضة ليست الاقتصادية بشقيها الصناعي والزراعي فقط بل الاجتماعية والسياسية والمعرفية، وتضمين هذا الإيمان في الإستراتيجيات و الأهداف نزولاً للمشروعات والسياسات التي تضطلع بها للإفادة من مخرجاته.
الحياة البحثية تستوجب شحذ القدرات العلمية والفنية للمواكبة والتطور فكان للدراسات العليا بكل من ماليزيا وتايلند محل وللعديد من الدورات التدريبية القصيرة والمتوسطة مكان، شأنها شأن النشر العلمي والتدريب التطبيقي..
ما هي أهمية مراكز البحوث المتخصصة و معوقات العمل بها؟
مراكز البحوث المتخصصة هي منارات التغيير وراسمة لخطواته وخططه، إلا أن هناك العديد من المعوقات تحول دون تسنم هذا الدور، منها: الإيمان بدور هذه المراكز في وضع الإستراتجيات والسياسات وموجهات الخطط التنفيذية من قبل متخذ القرار، كذلك هناك معوقات في إجرائية وإدارة البحث العلمي خصوصاً التطبيقي ومرد ذلك لحداثة التجربة البحثية في السودان والتي بدأت في النصف الثاني من القرن الفائت حيث أن مخرجات التعليم العالي ومن قبله الثانوية العليا كانت تركز على التزود بالخبرات العملية التنفيذية دون البحثية لمقابلة مطلوبات التوظيف في الدولة لإدارة دولابها. أيضا من المعوقات التي تقعد بالبحث العلمي وحواضنه ضعف التمويل المالي والدعم اللوجستي لتأخره في سلم أولويات بنود الإنفاق رغم التحسن المضطرد في هذا الجانب مؤخراً، فجهود وزارة العلوم والتقانة سابقاً ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي حالياً والوزارات التي تتبع لها المراكز المتخصصة لاتخطئه عين خصوصا في مجال التدريب، ولكن لأن حاجة البحث العلمي متزايدة للتمويل فمازالت الطريق طويلة.
المقال جدير بالقراءة خاصة للقطاعات التي ترتبط أعمالها بالمتحكمات والتصميم الإلكتروني وكذا المخترعين الشباب والدوله كداعم او للشركات التي تبحث عن فرص لتقليل تكاليف إنتاجها….ولأن ظروف السودان الاقتصاد وكذا عزوف القطاع الخاص من الدخول في استثمارات جميعها تقف حاجز صد أمام المبتكرين الناشئين …
الدكتور الباشمهندس عمر من الباحثين القلائل الذين شهدت لهم المعارض السودانية بالعمل المخلص الابتكارات والحلول المتكاملة في دعم القطاع الصناعي في السودان…
اتمني له التوفيق والسداد ومزيدا من النجاحات….