الخرطوم: عايدة قسيس
في ظل الكوارث الطبيعية وتغير المناخ وكل المشاكل التي يعاني منها الكون نتيجة للتطور الصناعي وللاستخدامات السيئة في الطاقة الايفورية، بدأ هنالك اتجاه وتوجه قوي عالمي نحو الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية، الرياح)، لتقليل الضغط على وسائل الطاقات الاخرى التي هي مصدر المشاكل بالبيئة، وعليه فقد اتجهت دولا كثيرا في العالم كسويسرا، اليابان والهند، في انتاج منتجات من الطاقات البديلة، خاصة الطاقة الشمسية، مما قلل الضغط على وسائل الطاقة الاخرى، لكن بالبرغم من تطور العالم في استخدامات الطاقة البديلة ظل السودان بعيدا عن العالم، نتيجة للعزلة والغياب الذي امتد لثلاثون عاما الماضية، فقد جاء التغير لان يلحق السودان بركب العالم ولعل في ظل الازمة المتفاقمة الراهنة التي تعاني منها البلاد في مجال توفير الطاقة في كل من (الجازولين ـ البنزين والغاز والكهرباء) فالسودان في امس الحوجة للطاقة البديلة لحل ازمته بصورة تدريجية لاسيما وان السودان يمتلك مصادر حقيقة ضخمة لإنتاجها ( الطاقة الشمسية والرياح ).
فضمن البرامج المصاحبة للمؤتمر الاقتصادي وملتقى الاعمال لحزب المؤتمر السوداني الذي تم تأجيله بسبب ظهور مرض الكورنا والذي تم بموجبه تأجيل كل المؤتمرات والملتقيات بالبلاد، سبق القطاع الهندسي بالحزب تلك الإجراءات، ونظم ورشة عمل حول “الطاقة البديلة وتطبيقاتها في السودان”، مساهمة منه في دفع عجلة التنمية والاقتصاد بالبلاد والبحث عن بدائل غير تقليدية في مجال الطاقة تحت شعار (نحو نموذج اقتصادي تنموي لتحقيق العدالة الاجتماعية) قدمها بروفيسور عادل حسيب.
وقال الفيزيائي والخبير في مجال تطوير الطاقات المتجددة بروفيسور عادل حسيب، خلال تقديمه للندوة، بأن الطاقة المتجددة لا مفر منها في ظل التراجع الكبير في الطاقة الايفورية وما تنتج عنه من مشاكل بيئية بسبب الكميات الكبيرة من الكربون مما اضر كثيرا بالصحة العامة والبيئة والظروف المناخية ، مشيرا الى ان الكميات العالية من الكربون يمنع دخول الضوء في النباتات ويمنع خروج الحرارة من على سطح الأرض مما ينتج عنه الاحتباس الحراري الامر الذي يؤدي لكوارث طبيعية كالزوابع وارتفاع مستويات المياه على سطح البحر، مجددا عدم وجود مفر الا باستخدام الطاقات المتجددة.
واستعجل حسيب الحكومة للانتقال الى الطاقة المتجددة والبديلة وقطع الشك باليقين بان الطاقات المتجددة تعمل او لا تعمل، مؤكدا على توفر كل المكونات اللازمة لإنتاج الطاقات البديلة بالسودان لكل الاغراض والاستخدامات.
وطالب حسيب بإنشاء بنك خاص يساعد الافران والمزارعين للتحول للطاقات المتجددة كما البنك الزراعي المتخصص في الزراعة، مطالبا بأساليب تمويل جديدة ليست فيه تعقيدات تقوم بالنشاط الاداري وتتبع لجهة واحدة، مشيرا الى ان الحكومة دخلت في التمويل الاصغر لكن واجهت مشاكل في الضمانات .
وقال ان العزيمة في السودان على الكهرباء بنسبة 100%، مؤكدا في حال رفع عنها الضرائب من شأنه ان يقلل كل الازدحام ـ مشيرا الى الاهمية بمكان ان تتبنى الحكومة مشروع لإضاءة المساجد والمدارس ومواقف البصات والريف بوسائل متوفرة كالبطارية والطاقة الشمسية بدلا من استخدام لمبة الكروسين والرتينة ، قاطعا بأن الالواح واليات الطاقة البديلة لا تحتاج لصيانة وأن عمر الالواح تصل (40) عاما .
واكد حسيب على ان احتمالات الطاقة المتجددة بالسودان كبيرة لجهة وجود اكبر مصدر للطاقة وهى الشمس بطريقة وصفها بالرائعة، واردف السودان يتمتع كدولة سقوط شمسي بطريقة رائعة “، مؤكدا على ان السودان محاط بكمية هائلة، مبينا ان واحدة من اعلى السجلات في كمية السقوط الشمسي في مساحة المتر المربع (800) واط كقيمة متوسط النهار في وقت لا يزيد في العالم عن (200) واط وفي البعض يصل مابين (400ــــ 600) في ايام الصيف ، مؤكدا على امكانية تحويل الشمس الى طاقة بنسبة مابين 15ـــــ 30% ما اعتبره نسبة صحية، مشيرا الى ان انتاج اللوح الواحد يمكن ان ينتج (200) كيلو واط ، لافتا في حال وجود (10) الواح يمكن انتاج (2000) واط ببعض البيوت السودانية في وقت فيه المتوسط 5 كيبو واط ، مشيرا الى ان البيوت السودانية تحتاج الى (20ـــــــــــ 40) لوح.
وأعلن حسيب على ان السودان لديه طاقة رياح ضخمة، منوها لوجود محطات لرصد حركة الرياح التي تمر بالبلاد خاصة في منطقة البحر الاحمر، قاطعا بوجود امكانية في انتاج الطاقة من جميع المخلفات الحيوانية والزراعية والبشرية يمكن الاستفادة منها في انتاج غاز للطبخ وفي كثير من الاستخدامات، كاشفا عن مصادر اخرى للطاقة بالسودان كالاثينول من مصانع السكر، مشيرا الى ان السودان لديه استخدامات مائية في انتاج الطاقة (الهايدورلوجي).
وابدى حسيب اسفه من عدم انتاج خزان مروي للطاقة التي كان يصبو اليه رغم انه من أكبر الخزانات، وتابع ” خزان مروي شرد له الاهالي وأحدث مشاكل بيئيةـ وأفقدنا اثار ومعالم تاريخية ورغم ذلك لم ينتج ما كان يصبو له” على حد قوله.
وطالب حسيب الدولة بضرورة سن تشريعات وقوانين والسياسات التى تدعم شراء الالواح لإنتاج الطاقات البديلة بحيث تكون سياسات تشجيعية للإنتاج والاستثمار بعدم فرض ضرائب واعفاء صناعة الالواح من الضرائب والغاء الرسوم، ومنع الاحتكار الموجود في انتاج الكهرباء، مؤكدا على امكانية ادخال الطاقة المتجددة المنتجة في الشبكة القومية بحيث يمكن اضافة الكهرباء من الالواح لأعمدة الشارع.
وتحدث حسيب على المراوح الشمسية “الهوائية” الجديدة التي تعمل بسرعة الرياح على شواطئ البحار / مشيرا الى سرعة الرياح التي تحتاجها المراوح تتوفر في كل من طوكر وجبال النوبة حيث تتمتع المناطق بسرعة رياح في حدود (5) أمتار في الثانية، مشيرا الى ان الانتاج المشترك ما بين الأرواح والمراوح متوفرة في البحر الاحمر.
واكد حسيب على ان الطاقة الشمسية يمكن استخدامها في المخابز، مؤكدا على قدرة الافران من الطاقات المتجددة في حل ازمة الوقود للخبز الي يعيشه السودان، مؤكدا على انها اقل تكلفة، لافتا لوجود أجهزة من الطاقة المتجددة في تحميص الفول السوداني تستخدمها دول افريقيا منتجة من المخلفات.
وقال ان منطقة البحر الاحمر فيها نسبة عالية من الملوحة وشاطئ طويل يمكن للحكومة ان تتبنى قيام مشاريع لاسيما مصانع لإنتاج الملح لتستفيد منها دول المنطقة من الطاقة الشمسية، مشيرا الى ان فكرة الملح يدخل فيه اليود الذي يحتاجه عدد كبير من ولايات السودان، مشيرا الى ارتفاع نسبة وفيات الاطفال اثناء الولادة والامهات بعد الولادة بالسودان يفوق عدد وفيات الحروب، ونبه حسيب لوجود مشكلة حقيقية في الاضاءة بالقرى، مؤكدا على ايجاد الحل بواسطة الالواح الشمسية لإضاءة القرى، كاشفا عن وجود لمبة شمسية يمكن ان تحل بها الاضاءة بالمساجد والشفخانات والقرى لطلاب المدارس، مشيرا الى ان تكلفة اللمبة لا تتعدى العشر دولارات ومدى صلاحيتها تصل (15ـــ 20) عاما.
وقال حسيب بأن كل “الركشات” والمواتر بدولة الهند بدأت عمل بالبطاريات، مؤكدا على امكانية استخدام تجربة الهند في كثير من الازمات الموجودة بالسودان بخاصة صفوف البنزين بحيث أن تعمل الركشات بالبطارية، مشيرا لوجود بورصة لأسعار الالواح بواقع (20) سنت في اليوم، كاشفا عن وجود شركات عالمية كبيرة تعمل على التزويد بالألواح بما يساعد بالميغاواط.
وجدد حسيب بأن سد مروي الذي هجر المواطنين، دفن الآثار ودمر البيئة، كان يمكن ان تؤسس للطاقة لكل القرى بأن تأخذ (2000) فدان تعمل منها كهرباء تكفي لكل الاحتياجات ورفع المساحات الزراعية بأن تروى بالألواح، وتابع آن الأوان بان تجرى التسهيلات والسياسات والشرح بأهمية الطاقات البديلة خاصة وان الاسعار بدأت في التراجع، مؤكدا على ان الاسعار وصلت ارقام ضعيفة. مقرا بوجود اشكالية في اخذ الكهرباء من البطارية بحيث تصبح تكلفة من منطقة لأخرى الامر الذي يحتاج لتردد وهذه مازالت مشكلة.