الخرطوم: شذي الرحمة
رغم الجهود الرسمية والشعبية لإدارة أزمة كورونا في السودان، إلا أن الوضع المعيشي يقف بالمرصاد في وجه كل التحوطات الاحترازية للمرض، حيث يطالعك المشهد المعتاد، منظر الصفوف البائسة أمام كل منافذ الخدمات” المخابز، محلات الغاز، الطلمبات”، فضلا عن أزمة حادة في غاز الطبخ والوقود، صفوف كسرت قسرا توجيهات الدولة بالحظر الكامل للحد من انتشار وباء الكورونا، اذ كانت صرخات ( البطون جوعا) أقوى من (خوف ) الإصابة بالمرض، اتهامات أطلقت صوب الدولة ومؤسساتها المختصة بعدم ترتيبها لتوفير الاحتياجات الضرورية قبل الحظر، الامر الذي جعل المواطن يكسر الحظر قسرا ، وقفت ( afroshongir) مع خبراء اقتصاديين ومسؤولي حماية المستهلك للخروج بحلول عاجلة وإسعافية في ظل الظروف الراهنة خاصه مع دخول شهر رمضان والذي يحتاج الي ترتيب اكبر لزيادة استهلاك السلع الضرورية.
من جهته قال عضو اللجنة الاقتصادية بقوى الحرية والتغيير كمال كرار في افاداته ان هذه الفترة تحتاج الي معالجات علي المستوى الصحي والاقتصادي، بالإضافة الي التقيد بالمحاذير الصحية الموجودة في أنحاء العالم بما فيها الحظر الشامل ، فالوباء قاتل ولا يوجد حل له سوى الحظر الشامل، ويرى كرار أن على رأس الحكومة، توفير السلع الغذائية الضرورية للمواطن في الأحياء المختلفة والعاملين ( رزق اليوم باليوم) والقطاعات المختلفة، وستدرك قائلا: “لكن هذه الأزمات لا تحل بضربة (لازب) وتحتاج الي وقت”، مؤكدا تشكيل آلية اقتصادية لذلك، للعبور من الأزمات المختلفة، لافتا الي ان لجان المقاومة شرعت في توزيع سلع غذائية مع لجان التغيير والخدمات توزع من المنتج الي المستهلك دون المرور بوسطاء.
توقع كرار في أن تشهد الفترة القادمة وفرة في الدقيق والغاز في غضون أسبوع لإنهاء ظاهرة الصفوف التي اعتبرها مهدد أساسي لصحة المواطنين، مؤكدا أن هنالك همل محموم لحصر الاحتياجات في كل حي، ووصف الصفوف والازمات الحاليّة بأنها وصمة عار في جبين الثورة، وشدد علي ان يكون هنالك تخطيط اقتصادي مختلف لما هو عليه الآن من اجل الحد من معاناة المواطن وحمل الدولة مسئولية السلع المستوردة والتي يتم تغطيتها من الخارج، داعيا الي إبرام اتفاقات مع جهات او دول بعينها لتوفير وتغطية هذه الاحتياجات، واتُهم النظام البائد بوضع السلع الضرورية والواردات تحت يد القطاع الطفيلي من الرأسماليين الذين لا يهمهم غير مصلحتهم، وطالب بتغيير هذه المعادلة بدخول الدولة في الصادر والوارد بالبلاد لتوفير السلع الضرورية بأسعار مناسبته وأقل تكلفة.
عدم شفافية:
فيما ارجع الأزمة الحالية في دقيق الخبز والغاز والتي وصفها بالعميقة الي سوء الادارة والتخطيط وعدم الشفافية، مشيرا الي انه في حال تدني المخزون لابد الي توفير حصص لتوصيلها للمستهلكين لتحقيق العدالة ومن اجل التغلب علي السوق الأسود لهذه السلع والتخزين لها ، للحد من المتاجرة بها بصورة خفية ، كما حمل واتهم ما أسماها بـ”الدولة العميقة الفاسدة” الموجودة في حلقات التوزيع المختلفة، بإحداث تلك الربكة ، و دعا الي فتح الباب الي نوع من التعامل الاقتصادي المختلف عبر التعاونيات ولجان المقاومة في الأحياء لضمان وصول هذه السلع الي المستهلك الحقيقي وليست الي السمسار مع وجود رقابة صارمة علي التسعير والذي يجب ان لا يتجاوز السعر المحدد تحكمها عقوبات رادعه لكل من يحاول ان يتاجر بقوت الناس.
تركة ثقيلة
وزارة الصناعة والتجارة شكلت لجنة لإدارة السلع الاستهلاكية بعد الفرضي الكبيرة في السوق السوداني واسعار السلع به والتى وصفها د. عمر ابراهيم كباشي عضو اللجنة ونائب رئيس الجهاز القومي لحماية المستهلك الذي كونته الحكومة الانتقالية الجديدة للحد من فوضى الأسعار بـ”التركة المثقلة” التي خلفها النظام البائد، مؤكدا بان هنالك حملة شعواء ضد وزير الصناعة والتجارة الجديد فهو ورث وزارة (خراب) تم ( تشليع) الوزارة من (١١) جسم تابع لها كما تم سحب كل صلاحيات وزارة التجارة المعروفة عالميا من ضمنها (مخزون السكر ، المخزون الاستراتيجي، المواصفات والمقاييس الاسواق الحرة وكل الاستيراد والتصدير ، الاعتمادات)، فأصبحت الوزارة خاوية علي عروشها ، لافتا الي ان كل هذه الأجسام تم اخذها بموجب قوانين وتم عمل قانون منفصل لكل جسم من هذه الأجسام علي حدا .
تعديلات قادمة في القوانين:
ولاسترجاع هذه الاعتمادات اضطر الي تعديل (٨) قوانين منها قانون ( التجارة وسجل المصدرون والموردون ، ومجلس تشج المنافسة ومنع الاحتكار ، والإغراق ، الرقابة)، لتتواءم مع القوانين الموجودة ، وتابع : البلاد كانت (حقت) الأمن الذي يمتلك كل ملفات السلع من دقيق سكر وغاز ومحروقات تابعه للأمن الاقتصادي، ورهن اعادة ترتيب هذه الأمور الي بذل مجهود كبير جدا ، وأعاب كل المشكلات بسياسة التحرير الاقتصادي والتي تسبب بها الخبير الاقتصادي ووزير المالية في وقتها د. عبد الرحيم حمدي، الذي عمل علي إلغاء قانون الرقابة علي السلع لسنة ١٩٧٨ الذي يتيح بأوامر من وزارة التجارة، بتحديد سعر السلعة التأشيري بنسبة ربح لا تتجاوز (٢٠٪) لذلك كانت وزارة التجارة (بعبع مخيف) للتجار نسبة للرقابة الصارمة والمنضبطة بوجود مكاتبها علي السوق ومحاكمات لكل تاجر يخالف الاجور ، ورهن اعادة الوضع السابق بتهيئة وتكييف البيئة القانونية للانتهاء من تحرير الأسعار وقد خاضت الجمعية معارك كثيرة تمخضت بإجازة القانون القومي لحماية المستهلك بعد عناء كبير.
قانون لجان تسويق السلع المخرج القادم
وقال كباشي أن بعد البحث في القوانين القديمة للحكومة البائدة، سقط منها سهوا قانون مهم (قانون لجان تسويق السلع ١٩٦٨) هذا القانون يعطي الحق لوالي الولاية بان يسعر اي سلعة من حد ادنى الي حد أعلى، مشيرا الي ان الجهاز التنفيذي في البلد يفتقد للكفاءات و كله( مدمر )في المحليات والوحدات الإدارية، كما ان الفساد ضارب بأطنابه ، قد تجذر منسوبي النظام البائد في كل الجهاز التنفيذي لذلك تأتي ( الضربه) من التوزيع لان القائمين عليه اما فاسدين او لا يملكون الكفاءة.
قانون حماية المستهلك
ويشير كباشي الي ان المادة ( ٦ ج )من القانون القومي لحماية المستهلك تعطي الحق للجهاز القومي للمستهلك الحد من ارتفاع السلع في الاسواق بالتعاون والتنسيق مع الجهات المختصة بوزارة التجارة وأعلن عن تحديد أسعار حوالي (٩) سلع، كما كشف عن ترتيب بحسب القانون للسلع الاستهلاكية الضرورية والتي تستوعب سلة ذوي الدخل المحدود والتي سيصدر سعر يومي من وزارة التجارة شانها شأن النقد الأجنبي (الدولار) تشمل السكر والدقيق الدم العدس الألبان الأرز الزيوت والاسمنت كسلع أساسيه ، ومن ثم سيمنح وزير الصناعة والتجارة الولاه صلاحية تحديد الأسعار في ولاياتهم.
وكشف الكباشي أن المرحلة المقبلة ستكون مسئولية المستهلك، فأي صاحب سلعة او تجار سيبيع للمستهلك سلعة من هذه السلع بأكثر من السعر المنصوص عليه، يجب أن يشتكي الي نيابة حماية المستهلك بالإضافة الي شرطة ومباحث التموين ، والجمعية السودانية لحماية المستهلك ، موضحا أن اللجنة الأن انتهت من أعمالها وبصدد رفع التقرير لوزير الصناعة والتجارة لإعلان قراراته بالتعاون مع الولاة، ولفت الي ان سياسة التحرير الاقتصادي كانت ضربة قاتلة للقطاع الأوسط والفقير، الامر الذي سحق الطبقي الوسطى والفقيرة ونحتاج الي فترة طويلة لإعادة المواطنين للمستويات القديمة، فحجم الخراب كان كبير كما ان الأجهزة التي تنفذ قراراتك كوزير او والي ضربت هي ذاتها في مقتل مع هجرة الكفاءات، تحتاج الدولة الي اقتلاع جذور نظام وليست أشخاص نعلم المعاناة وصعوبة الصفوف ، فأصبحت كلها (كورونات) كرونا صفوف وكرونا جشع وكرونا اخلاق.