بروفايل:أفروشنقر
للاقتصاد السودانى أسماء لمعت فى صفحته، ساهمت فى خارطته الاقتصادية، وأصبحت أرقاماً لا يمكن تجاوزها خلال القرن العشرين. واعتبرت هذه الأسماء والبيوتات رافداً للاقتصاد الوطني، وهنا نقف عند أحد تلك البيوتات التجارية الرائدة فى نهضة الاقتصاد السوداني، خلال القرن العشرين، في فترة ما قبل وما بعد استقلال السودان.
والمعروف أن عدداً من أبناء مصر والشام قد نزحوا إلى السودان وطنهم الثاني، واندمجوا فيه، وأصبحوا جزءاً من نهضته، وكانوا من أميز من ساهم في البناء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بالبلاد، ومن بين هؤلاء برز اسما (عزيز كفوري) و(حسنين أبو العلا) وأبنائهما السودانيين بالميلاد وليس بالتجنس، وآخرون سجلوا أسماءهم في صفحات ناصعة البياض من سجل تاريخ السودان الحديث.
فقد جاء حسنين مع أسرة أبيه، محمود أبو العلا، وأسرة خاله حسن بك عبد المنعم الذي جاء للسودان مستشاراً قضائياً في قلم القضاء التركي وكان قد عمل بـ (الباكوية)، ليستوطنوا في السودان، بمدينة أم درمان، ويصبحوا جزءاً من أهله ومن تاريخه الاقتصادي وحركته التجارية، حيث تزوج حسنين من زينب بنت حسن عبد المنعم، وأنجب منها أربعة من الأبناء وهم الذين قامت على أكتافهم مجموعة شركات أبوالعلا.
أسست هذه العائلة، مجموعة شركات منها أبو العلا الزراعية أبو العلا العقارية، أبو العلا التجارية، أبو العلا الهندسية،أبو العلا لحلج الأقطان المحدودة، شركة أبو العلا الزراعية والتي عملت في مجال إنشاء المشاريع الزراعية (شركة المسرة الزراعية)، وفي نفس الوقت تمويل مشاريع أخرى يملك امتيازها آخرون (مشاريع الشراكة)، ومن مشاريعهم الخاصة مشروع البساطة الزراعي جنوب سنار، (بمديرية النيل الأزرق سابقاً عندما كان السودان كله مقسماً إلى تسع مديريات فقط)، وهو أول مشروع زراعي يمنح في تلك المنطقة امتيازاً لزراعة القطن، وقد فتح نجاح المشروع في زراعة القطن في الأعوام (1949 ـ 1950) الباب أمام الحكومة للتوسع في ذلك المجال وإعطاء رخص لمشاريع أخرى اتصل أصحابها بشركة أبو العلا للحصول على التمويل.
ومن مشاريعهم الهامة مشروع المسرة وقد تم إنشاؤه لإنتاج القطن بمساحة تبلغ عشرة آلاف فدان، وقد كان أكبر مشروع زراعي خاص في السودان. وعملوا على إنشاء وتمويل مشروع كساب الزراعي شمالي سنار الذي يملكه السيد علي زعيم طائفة الختمية ومشاريع أخرى في النيل الأزرق والنيل الأبيض ودخلت شركة أبو العلا في شراكة مع شركة سنار الزراعية لإنشاء مشروع ود هاشم الذي تبلغ مساحته ثلاثة آلاف فدان. وقامت الشركة سنة 1953 بالدخول في شراكات تمويل وإنشاء 12 مشروعاً في سنار وسنجة ومشروعات أخرى صغيرة، حتى بلغت المساحة الممولة من الشركة 55% من جملة مساحة مشاريع القطاع الخاص بالنيل الأزرق. وامتد نشاط الشركة إلى النيل الأبيض عام 1954 م لتدخل في شراكات في العديد من المشاريع بلغت نسبتها 20% من مشاريع القطاع الخاص في تلك المنطقة وقد كان لهم اهتمام واسع بزراعة المحاصيل البستانية، وكل مشروع مولوه طلبوا أن تكون لهم مساحة فيه لتكون (جنينة فواكه)، وقد نبع اهتمامهم بذلك من رغبتهم في توفير فرص عمل للأيدي العاملة من أبناء المنطقة، ومن مشاريعهم الكبيرة في البستنة تلك التي أقاموها بالنيل. إذاً هي مسيرة زاخرة بالعطاء، كان زاد صاحبها الإيمان المطلق بالعمل الحر، ونشر ثقافته بين الناس، ليتحرروا من عبودية الوظيفة إلى براح ريادة الأعمال.
نجاحات كانت منصة انطلاقها الرؤية الثاقبة، لتتوج تلك المشاريع الناشئة إلى شركات تزاحم كبرى العلامات التجارية في التنافسية العالمية، يجب على رواد الأعمال الوقوف على تلك المسيرة، لأنها معين خصب، سينهلون منها الكثير.