كتب: محمد فتحي
رغم كثرة الفرص الاستثمارية فيها، إلا أن قرارات المستثمرين في السنوات الفائتة، لم تكن في صالح السودان، نتيجة للتخبط السياسي الذي كان يعيشه البلد، وعدم وجود رؤية اقتصادية فاعلة، مع سيطرة طغمة فاسدة على زمام الأمور،عوامل جعلت هذا البلد يسجل غياباً قسرياً عن تقارير عالمية محفزة للمستثمرين، كتقريرمجموعة العشرين في إصلاحات بيئة الأعمال، وتقارير ممارسة الأعمال الصادر عن مجموعة البنك الدولي، حتى هذا العام، مما حدا برؤوس الأموال المحلية والعالمية بالهروب بعيداً، بدلاً من المخاطرة في بيئة أعمال شديدة الضبابية.
ورغم تنافس السودان سنويًا في قائمة أسوأ الدول في سهولة ممارسة الأعمال، حسب مستوى جميع المؤشرات التي يقيسها التقرير، وهي “مؤشر حماية أقلية المستثمرين، مؤشر إنفاذ العقود، مؤشر استخراج تراخيص البناء، ومؤشر التجارة عبر الحدود)، يدور حراك محموم حالياً بين الجهات المعنية لتحقيق متطلبات برامجها التنموية، وتعمل كل جهة على حزمة من الإجراءات للارتقاء ببيئة الأعمال وتعزيز القدرات التنافسية فيها.
تحسين بيئة الأعمال
تحقيق السودان لإنجاز في هذا المضمار مرهون بأن يشهد نقلة نوعية وتحولاً تاريخياً على كل الصعد، ومن أهم معالمه تقديم ضمانات متعددة، ليشمل ذلك المنشآت الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، بتوفير مناخ استثماري بتجهيز بيئة تنافسية، تستقطب استثمارات نوعية، والعمل على تعزيز وتطوير واحات “صناعية” ومناطق التقنية في مناطق مختلفة من السودان.
وفي وقت تعكف فيه عدة جهات معنية بالقرار الاقتصادي، حالياً على تقديم إصلاحات من شأنها أن تسهم في خلق بيئة أعمال محفزة للإبداع والابتكار في السنوات القادمة، نطرح عدداً من الأشياء التي من شأنها تحقيق مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر، بدعم مؤشر بيئة الأعمال وتنافسيتها، لجذب مزيدٍ من رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية.
وانطلاقاً من منصة قانون استثمار جاذب، أرى ضرورة توفير بيئة استثمارية محفزة للإبداع والابتكار، تضم(أراضٍ صناعية مهيأة لإقامة مشاريع صناعية، مصانع جاهزة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، حاضنات صناعية لرواد الأعمال، واحات مدن مهيأة لعمل المرأة، أراضٍِ استثمارية للتطوير العقاري، وحلولاً لوجستية تضم مستودعات مهيأة).
ولاشك أن هذه البيئة الاستثمارية ستكون سبباً لبداية انطلاق لنهضة صناعية في وطننا، لأن كثيراً من رواد الأعمال يحتضنون أفكاراً قيمة، بدورها ستدفع بعجلة التصنيع و ما على الدولة إلا تقديم برنامج تأهيلي لدعم قطاع الأعمال في هذا المجال، باستقطاب خبراء محليين ودوليين، لتكون هذه الحزم التدريبية، الطريق إلى تأسيسهم مشاريع صغيرة ومتوسطة، مسلحين بمهارات فنية وإدارية.
وفي هذه المرحلة المهمة من عمر الدولة السودانية، يجب على المختصين بالقرار الاقتصادي، ضرورة تكوين جسم يضم خبراء اقتصاديين معني باستقبال مبادرات من شأنها تحسين بيئة الأعمال وتحفيز القطاع الخاص، من كل الجهات المختصة بالحراك الاقتصادي، ويتولى مستقبلاً التحليل الدوري لإجراءات وخدمات الجهات الحكومية لقطاع الأعمال ورفع كفاءتها.