الجبيل: محمد فتحي
الزائر إلى مدينة الجبيل، إحدى مدن المنطقة الشرقية بالسعودية، يتخيل منذ الوهلة الأولى أنه أمام لوحة فنية لفنان تشكيلي، حيث المناظر الخلابة من جزر، شواطئ، منتزهات تجعلك تعقد حاجب الدهشة جراء مشهد طبيعة تهديك مفاتن جمالها العذري بكل كرم.
فعندما يأتي ذكر (الجبيل) في سياق حديث .. يقف المتحدث والمستمع لحظة لتأمل عبق ذاك المكان .. فلكل منا حنين خاص لماضي أيام يتخذ صورًا وأشكالا متعددة … أو ارتباط بأماكن وشخصيات وأصوات حية في ذاكرة الأيام … لذا يحملون قدراً من الحنين المغلف بزفرة أسىً على تلك الذكريات الجميلة .. مع الأهل أو الأصدقاء .. في البيت أو على شط هاديء تغسل مياه بحره متاعب سنين.
مدينة تعزف لحن الجمال، فكل شبر من أرضها تضعك في ذهول، طبيعتها، طرازها المعماري الحديث، شوارعها، منتجعاتها، يجعلها تتسيد موقع المدن الفاتنة في الخليج العربي، وأجمل مدن المملكة العربية السعودية.
حاجب الدهشة:
في صباح يوم حار من صباحات الرياض القائظة، توجهت لتلك المدينة العذراء، قاطعاً ٤٩٠ كلم شرقاً، حيث تطالعك تلك المدينة الساحلية المطلة على الساحل الشرقي للخليج العربي، امتداداً رئيسيًا لحواضر الدمام والقطيف وراس تنورة والإحساء. مدن تنافس بعضها في الجمال، إلا أن الجبيل تتميز عن رفيقاتها بطلة مدهشة.
مدينة تضع مفاتنها أمامك بكل كرم، وأنت تعقد حاجب الدهشة، والأقدار تضعك في (جنة الله في الأرض)، كما يلقبها سكانها، لكنك تكتشف صدق التسمية وأنت تزور جزر (جنة، جرير، كران، حريقص، البطانية، الظعينة، الحويلات، وجزيرة راس أبو علي)، والشمس ترسم آخر قبلة لساحل تلك المدنية معلنة انتهاء يوم صاخب من توافد مجموعات كبيرة من عشاق الجبيل. يسحرك مشهد آخر وتعقد حاجب الدهشة وأنت تشهد أسراب الطيور المهاجرة كطيور الفلامنجو، الخرشنة، بيضاء الخد تشكل لوحة أخرى في سماء المدينة الساحلية.
وما يزيد الجبيل ألقاً ليلها الساحر … فالليل هنالك جزء من أوتار مدينة لا تعرف جفونها الكسل، والبحر يشكل وتره القادر على الإفصاح بعبق الزمان والمكان، ما يزيد من عدد الوافدين من مدن المملكة ليلاً، هذا غير أعداد الزائرين من مدن الخليج الذين تعج بهم فنادق المدينة، فلكل حضوره الأنيق امتدادًا من سوق السمك، وحتى الشاطئ، ينهمك بعضهم في شواء السمك، بينما يمضي الآخرون في زيارة تلك الجزر الخلابة، واكتشاف أكبر لمعالم المدنية.
ويؤكد كثير من المواطنين والمختصين هنالك أن الهيئة الملكية تولي عناية خاصة للمحافظة على تلك الطبيعة الخلابة، ومكنونات الحياة البرية بالتنسيق مع الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية كما تبين ذلك غرفة الشرقية أيضاً.
ويعتز الأهالي هنالك بمدينتهم الخلابة، ويشكل أي فرد منهم مشروع مرشد سياحي، يدلك على المواعين السياحية بالمدينة بداية بمعالمها الأثرية مثل بئر الطوية بالجهة الغربية من المدينة، والتي كانت المصدر الرئيسي للمياه في سنين سحيقة، كما يبين لي الشاب محمد العنزي صاحب الـ(30) ربيعاً، مشيراً إلى أن سر تسمية مدينتهم تعود إلى الجبل الواقع في الزاوية الشمالية الشرقية من تلك البئر على حد قوله.
ويوضح العنزي لصحيفة (Afroshongir)، أن المدينة أصبحت قبلة لعشاق السياحة من شتى مدن المملكة، ودول الخليج العربي، وحجزت لنفسها مقعداً متقدماً في قائمة المدن السياحية بالمملكة، بطرازها العمراني المدهش، وشواطئها وحدائقها الغناءة، وجزرها، وما تتميز به المدينة الصناعية أيضاً من أنشطة سياحية واجتماعية ورياضية وثقافية.
وتكتمل دهشة الزائر للجبيل بتتويج طوافه للمدينة، بزيارة مدينة الجبيل الصناعية، والتي تبعد عن محافظة الجبيل بــ ١٠ كلم شمالاً. تعرف مدينة الجبيل الصناعية بمدينة الصناعة والسياحة معاً، وتعتبر من أكبر مدن المملكة العربية السعودية إنتاجاً للمواد الصناعية؛ الكيماويات والغاز والبلاستيك والزجاج والحديد الصلب. ومعلوم أن المدينة تنقسم إلى قسمين الأول يسمى جبيل البلد، حيث مركز المدينة وسكن أهالي الجبيل، والثاني هو القسم الصناعي المعروف باسم الهيئة الملكية التي تضم المصانع الكبيرة وسكن العاملين.
وبسبب أهمية موقعها على الساحل الخليج العربي، أصبحت الجبيل تتمتع بالعديد من المرافق المهمة مثل ميناء الملك فهد الصناعي والتجاري، ومحطات التحلية، وقاعدة الملك عبد العزيز البحرية، لتتوج المدينة مرفأ محورياً مهماً في التنمية الاقتصادية للمملكة، كما تبين الغرفة التجارية الصناعية بالشرقية.