
شهدت العاصمة المصرية القاهرة، مساء الإثنين 20 أكتوبر 2028، تدشين كتاب “مغرب الصحافة السودانية التقليدية” للصحافي والكاتب السوداني عبد الله رزق، في أمسية ثقافية احتضنها مركز التسامح بمنطقة الدقي، بحضور لافت من إعلاميين ومهتمين بالشأن الثقافي، ما عكس حالة التقدير التي يحظى بها الكاتب وتجربته الممتدة في رصد وتحليل التحولات الإعلامية في السودان.
وأدارت الأمسية الإعلامية إيمان فضل السيد، بينما شارك على المنصة كل من الصحافي شوقي عبد العظيم، والناقد والمفكر نادر السماني، حيث قدّما قراءتين نقديتين عميقتين لكتاب رزق، مستعرضين ما تضمّنه من رؤى وتحليلات تلامس الجذور التاريخية لتجربة الصحافة السودانية التقليدية، وانعكاساتها على واقع الإعلام الراهن.
رؤية تحليلية لتاريخ مهمل:
الكتاب، الصادر حديثاً، يوثّق مرحلة حاسمة من تاريخ الصحافة السودانية التي سبقت العصر الرقمي، ويركز على ما سمّاه المؤلف بـ “مغرب الصحافة التقليدية” في دلالة على نهاية طور وبدء آخر، حيث يربط رزق بين السياقات السياسية والاجتماعية وبين ما شهدته الصحافة من تحولات بنيوية ومهنية.
وفي كلمته خلال حفل التدشين، عبّر الأستاذ عبد الله رزق عن شكره وتقديره للحضور، مشدداً على أن هذا العمل يأتي في إطار محاولته لـ “سد فجوة التوثيق في تأريخ الصحافة السودانية”، مضيفاً: “نحتاج إلى أرشفة نزيهة لتجربتنا الصحافية، حتى نقرأ تاريخنا كما هو، لا كما يُراد له أن يكون”.
وأشار إلى أن الكتاب لا يقتصر على السرد التاريخي، بل يتضمن تحليلات معمّقة حول الأطر المؤسسية، وأدوار النخب الصحافية، وتفاعلات الصحافة مع الأحداث الكبرى، بما يجعل منه مرجعاً للباحثين والمهتمين بالإعلام في المنطقة.
مداخلات أثرت النقاش:
وعرفت الأمسية تفاعلاً من الحضور الذين قدموا مداخلات أثنت على الجهد البحثي والتوثيقي للمؤلف، وأشارت إلى أهمية مثل هذه الإصدارات في إعادة الاعتبار لتجارب تُعدّ مفصلية في فهم التحولات الإعلامية في السودان.
الصحافي شوقي عبد العظيم أشار في مداخلته إلى أن عبد الله رزق “لم يكتب من برج عاجي، بل انطلق من تجربة ميدانية ومعايشة حقيقية لمجريات الصحافة السودانية خلال عقود، ما منح كتابه مصداقية وعمقاً نادراً”.
أما الناقد نادر السماني، فاعتبر أن الكتاب “يتجاوز كونه توثيقاً لماضٍ قريب، ليطرح أسئلة عن أزمة الإعلام السوداني الراهن، ويبحث عن جذورها في البنية التقليدية التي لم تتطور بما فيه الكفاية”.
تكريم رمزي وإشادة أسرية:
الفعالية لم تخلُ من بعد إنساني مؤثر، حيث تحدثت سيمازا عبد الله رزق، ابنة الكاتب، في كلمة قصيرة عبّرت فيها عن امتنان الأسرة للحضور والداعمين، مشيرة إلى أن هذا الحضور الواسع يعكس “روح الوفاء التي يتحلى بها الوسط الصحافي تجاه روّاده ومبدعيه”، وأكدت أن الكتاب هو “امتداد لإيمان والدها برسالة الكلمة الحرة والموضوعية”.
إرث صحافي ينتقل إلى الأجيال:
الجدير بالذكر أن عبد الله رزق يُعدّ من أبرز الصحافيين السودانيين الذين راكموا تجربة غنية داخل السودان وخارجه، حيث عمل في عدد من الصحف العربية، وكتب في قضايا الإعلام والسياسة والثقافة، ويُعرف بقراءاته النقدية الحاذقة وتحليلاته القائمة على التوثيق الصارم والمقاربة التاريخية.
ويأتي إصدار “مغرب الصحافة السودانية التقليدية” كمساهمة فكرية وثقافية تضاف إلى إرثه المهني، في لحظة تتطلب كثيراً من التأمل في مسارات الإعلام السوداني، وضرورة استعادة القيم المهنية وسط واقع متغير.
في ختام الأمسية، وُزّعت نسخ من الكتاب على الحضور، فيما جرى نقاش جانبي بين المؤلف وعدد من الصحافيين الشباب الذين أبدوا رغبتهم في الاستفادة من تجربة رزق كصحافي وباحث، ليغادر الحضور وهم يدركون أن توثيق الماضي هو أحد أهم بوابات عبور المستقبل.
