الرياض: محمد فتحي
في وقت أصبح فيه مفهوم الإبداع والابتكار في التعليم حديث الأكاديميين والباحثين في كل المؤتمرات التعليمية عالمياً.. يسعى بعض رواد الأعمال بالمملكة بتكييف المناهج الدراسية بما يتناسب وثورة التكنولوجيا الرقمية، وطرحوا عدداً من المشاريع الخاصة بالتعليم الابتكاري لصناعة جيل رائد داعم للاقتصاد المعرفي. من ضمن تلك المشاريع مشروع ناشئ لدعم ونشر ثقافة التصنيع الرقمي ، أسسه الشاب طاهر البلوي تحت إسم “وادي العباقرة”، يهدف إلى توطين التقنية وخلق مجتمع صانع كما يحلم صاحبه، ويطمح في أن يضع الأبناء في أماكن تجعلهم يتقدمون علمياً من الجانب التقني منذ الصغر، ويرى أن مثل مشروعه التعليمي يجعل من الأطفال مفكرين ومبدعين في شتى المجالات ، فهو تفتح الأفق لهم قبل كل شيء.
ويقول “البلوي” لـ ” Afroshongir” أن مشروعه يهدف إلى دعم الابتكار بالوطن العربي عامة وبالسعودية خاصة، عبر منصة تعليمية توفر الدروس وسلسلة فيديوهات بالعربية لكافة الفئات العمرية، لتعلم مهارات التصنيع الرقمي والابتكار بمجال الإلكترونيات، موضحاً أن هذا النوع من التعليم يحقّق اندماجَ المعلم في الأنشطة الإبداعية التي يقوم طلبتُه بها، والمشاركةَ فيها، كما يؤدي إلى حبّ كلٍّ من المعلم والطلبة للمدرسة التي ينتمون إليها، ويغرس في الطالب حب الابتكار.
ويوضح “البلوي” أن المشروع يمتلك متجراً إلكترونياً معتمداً لدى العديد من الشركات العالمية لتوفير كافة الاحتياجات للمبتكرين بكل سهولة وسرعة،بالإضافة إلى أنهم يقومون بتوفير سلسلة من ورش العمل بمجال الإلكترونيات الحديثة للجامعات، المدارس والأفراد بكافة المدن، حيث يعملون على عدد من الفعاليات مع شركائهم مثل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، مركز الملك سلمان للشباب وغيرهم من الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص.
ويؤكد “البلوي” أن التعليم الابتكاري يؤدي إلى إكساب الطلبة الاتجاهات الإبداعية، ويحثّهم على التفكير الإبداعي، وتقويمه، وفتح آفاق للأفكار الجديدة وغير العادية، إضافة لخلق طالب منتج للأفكار، بالإضافة إلى تشجيعهم على ابتكار منتجات تكون نواة للاقتصاد المعرفي، مشيراً إلى أن مثل هذه الأفكار تكسر حاجز الخوف من الوقوع في الأخطاء أو الفشل.
ويرى “البلوي” ضرورة خلق طالب مبتكر بتوعيته بأهمية التجديدات الإبداعية في صنع تاريخ الحضارة من جهة، ودورِها في حلِّ مشكلات الحاضر والمستقبل من جهة أخرى، فلولا هذه التجديداتُ والأشخاصُ المبدعون الذين كانوا وراءها لكانت البشريةُ لا تزال تعيش حياة بدائية فقيرة.
كانت أول أنفاس “وادي العباقرة” في غرفة تنتمي إلى شقة صغيرة، مع منتصف عام ٢٠١٥، هكذا وصف طاهر البلوي بداية مشروعه، مؤكداً أن رهانه على شغفه، سهره، طموحه؛ كان أكبر من رهانه على شهادة ماجستير في الخدمات الإلكترونية، وتقنياتها، أو الوظائف المترتبة على شهادة جامعية.
تحولت “وادي العباقرة” خلال سنوات قليلة إلى مقر مستقل، وحزمة عريضة من مشاريع التصنيع الرقمي وإنترنت الأشياء، والتركيز على اكتشاف “العباقرة الصغار”، وأعطت مؤشرات واضحة لرغبتها في قياس واستكشاف دلالات عبقرية مبكرة عند شرائح طلاب التعليم العام، وفق أنماط من المخيمات التدريبية، والكشفية، الموسمية وتطويرها.
ومارس أيضًا “وادي العباقرة” مجموعة مناهج عمل استكشافي وتنافسي مخصصة للهواة المتقدمين، خلال عامَي ٢٠١٦ و٢٠١٧ في عدة مدن سعودية، كان أحدها مسابقة تحدي تطبيقات الفضاء لوكالة ناسا للفضاء.
ويقول البلوي أن تجربته “وادي العباقرة” تُجسّد الروح السعودية لبيوت الذكاء الاصطناعي، الواعدة بقفزات تقنية واستثمارية، وكذلك استيعابها لمتطلبات ٢٠٣٠، مبيناً أنه حصل على فرصة استثمار لفكرته، الأمر الذي سيمكنه من تغطية وتنفيذ قائمة من أطروحات ومشاريع نوعية بمجال التصنيع الرقمي والابتكار وإنترنت الأشياء مستقبلاً، كونها احتياجًا تنمويًّا، وليس ترفًا تقنيًّا، مؤكداً سعادته بإنجاز صفقة بيع حزمة من أسهمها لشركة استثمار سعودية.