الخرطوم: حسام الدين ميرغني
تشرب لونها المائل للأبيض بسمرة محببة سعفتها أشعة الشموس وتمازجت مع مياه النيل الزرقاء، فهدى عبد الحميد ظلت عبر زمان الصيد في السودان، المرأة الوحيدة التي ترمي بشباكها في عباب النيل، لنيل رزقها مما تصيده من أسماك.
سيدة اقتربت من ستينياتها ولكنها لم تزل تحتفظ بجمال أخاذ وعزيمة قوية في شق موج النيل حتى تنال رزقها الحلال الذي تقيت به أبناءها. ورثت بياض لونها من لدن والدها المنتمي إلى جذور مصرية وعمل قبل رحيله بالري المصري بالخرطوم. وورثت عزيمتها من أهل مقرن النيلين وخزان جبل الأولياء الذين عاشت بينهم سودانية خالصة منذ ميلادها في العام 1951 وكافحت في مجال صيد الأسماك من على مركبها حتى وصلت إلى مرحلة ريادة الأعمال وصناعتها في مجال تصنيع الفسيخ وتجارة الأسماك.
مارست هدى عبد الحميد خليل الصيد بالشباك وبالسنارة منذ أن وجدت النيل أمامها ، يحيط النيل بمسكنها القريب من خزان جبل الأولياء جنوبي الخرطوم التى ولدت بها في العام 1951.
لم تأبه لنظرات المستغربين أو المستصغرين لنشاطها في الصيد وتطورت من الصيد بالسنارة والشباك إلى شراء مراكب خاصة بها وتحولت إلى سيدة أعمال بارزة في سوق السمك والفسيخ وتم تكريمها من قبل الدولة أكثر من مرة نظراً لجهدها في مجال صيد الأسماك وإنشائها في مطلع الألفية مركزاً باسم مؤسسة الهدى لمنتجات الأسماك، الذى أصبح من الموزعين الأساسيين للأسماك بولايتي الخرطوم والنيل الأبيض .
الصيادون أطلقوا عليها لقب سيدة البلطي وهو من الأسماك النيلية المحببة فثلاجاتها لا تخلو منه طيلة العام في مواسم صيده وغيرها، كما اختصت في صناعة الفسيخ من أسماك (الشلباية) و(الكاس) و(الدبس) .
بدأت قصتها مع النيل منذ أن كانت في سن السادسة حيث بدأت تتعلم الصيد وأقنعت زوجها بالعمل معه مطلع سبعينيات القرن الماضي واحترفت العمل منفردة في العام 1989.
تتنقل بين أمواج النيل وظلامه حتى تخوم دولة جنوب السودان، في رحلات تمتد إلى أسبوعين على ظهر المركب الخشبي،لم تخش ما يتناقله الصيادون عن وجود (جن) أو (سحرة) ضمن أساطير النيل والمياه وصادمت الموج والخوف بقلب من حديد رغماً عن جمالها البادي،وتعرضت لهجوم مرات من تماسيح وفرس النهر على مركبها وقابلت الموقف بصمود وصبر وتروٍّ حتى ظفرت بالنجاة.
حازت “هدى ” على جائزة الإبداع النسوي من بكين في العام 2005 من بين 120 متنافسة من جميع أنحاء العالم، وحازت على وشاح الإبداع النسوي في الوسط الريفي التى بلغت 10 آلاف دولار. عملت بها على إنشاء منتجع بجبل الأولياء لم يزل هو الأشهر في ولاية جنوب الخرطوم.
نالت خلال فترة عملها التى لم تزل مستمرة جوائز إقليمية من دبي في مجال الأعمال النسوية الى جانب العديد من الشهادات التقديرية بالسودان من منتدى جبل البركل الثقافي عام 2011م، ورابطة المرأة العاملة في السودان عام 2005م، ومهرجان صيد الأسماك الدورة الرابعة 2011م.