
الرياض: afroshongir
في أجواء اتسمت بالاهتمام والوعي والتفاعل المجتمعي، اختتمت رابطة القانونيين السودانيين بالرياض فعاليات «أسبوع أكتوبر الوردي» التوعوي، تحت شعار «وعي اليوم أمان الغد»، وذلك بحضور لافت من أبناء الجالية السودانية وعدد من المهتمين والمختصين في الشأن الصحي والاجتماعي، إلى جانب كوكبة من الإعلاميين والطبيبات والناشطات.
الفعالية، التي نظمتها الرابطة في إطار مسؤوليتها المجتمعية، سلّطت الضوء على أهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي، باعتباره إحدى أبرز أدوات الوقاية والنجاة من المرض، إلى جانب تعزيز ثقافة الفحص الذاتي، ومناقشة التحديات الصحية والاجتماعية التي تواجه النساء، خصوصاً في مجتمعاتنا العربية والأفريقية.
انطلاقة واعية وتنظيم مميز
أُدِيرت الفعالية من قبل الأستاذة إشراقة يوسف العركي التي تولّت تقديم فقراتها، وسط تفاعل مميز من الحضور. واستُهل البرنامج بكلمة ترحيبية قدّمتها توحيدة السر الامين الإعلامي للرابطة، التي عرّفت بالمشاركات من الطبيبات والمحاضِرات، فيما أعقبتها كلمة من الأستاذة سليمى يوسف، أكدت خلالها اهتمام الرابطة بالدور التوعوي إلى جانب نشاطها القانوني، مشددة على أن «التوعية الصحية جزء لا يتجزأ من مسؤوليتنا تجاه الجالية والمجتمع».
رسائل طبية مؤثرة ومعلومات ثرية:
الجانب العلمي من الفعالية حمل طابعًا تثقيفيًا عالي المستوى، حيث قدمت الدكتورة هاجر علي صالح محاضرة شاملة عن أهمية الكشف المبكر والفحص الذاتي، وأشارت إلى أن “نمط الحياة غير الصحي، وقلة ممارسة الرياضة، وزيادة معدلات السمنة” من أبرز مسببات سرطان الثدي، داعية الحضور لتبنّي أسلوب حياة صحي ومتوازن.
أما الدكتورة رحاب جميل، فقد تناولت الجوانب الطبية للأورام التي تصيب الثدي عند النساء والرجال، مؤكدة أن “80% من هذه الأورام حميدة، لكن إهمال الفحص قد يُفاقم الحالة”، مضيفة أن “إصابة الرجال بسرطان الثدي نادرة، إلا أن تطورها عادة ما يكون سريعًا، ما يستوجب وعيًا مضاعفًا”.
توسيع نطاق التوعية.. من المدن إلى القرى:
جانب من الفعالية شهد مداخلات نوعية، كان أبرزها من الأستاذة حياة العبادي التي تساءلت حول إمكانية إيصال حملات التوعية إلى القرى والمناطق النائية، مشددة على ضرورة كسر الحواجز الاجتماعية والمكانية لضمان وصول الرسالة التوعوية للجميع. وقد جاء رد رئيس الرابطة الأستاذ ناصر العبيد باستعراض تجربة ناجحة نفّذتها أهالي قريته (الجابرية) في حملات فحص مبكر، أسفرت عن اكتشاف حالات مرضية تم علاجها في مراحلها الأولى، مشددًا على أهمية تكرار هذه المبادرات ودعمها من مختلف الجهات.
اشادات إعلامية ومجتمعية
وشهدت الفعالية أيضًا مداخلة من الصحفية هيام تاج السر، التي أثنت على جهود الرابطة ودورها الريادي في دعم الأنشطة الصحية داخل الجالية، مؤكدة أن «العمل المجتمعي المتكامل هو الطريق نحو بناء وعي صحي شامل”، كما قدّمت عدد من الطبيبات المشاركات مداخلات قصيرة أثنين فيها على أهمية الدمج بين الجهود الطبية والمجتمعية لتحقيق نتائج ملموسة في مجال التوعية.
الختام.. رسالة التزام وعهد بالمواصلة
وفي ختام الفعالية، ألقى نائب رئيس الرابطة، حسان موسى عابدين، كلمة عبّر فيها عن شكره العميق للطبيبات والمحاضرات والحضور الكريم، مؤكدًا أن الرابطة لن تدّخر جهدًا في سبيل خدمة الجالية السودانية في الرياض، ونشر ثقافة الوعي الصحي تحت شعار «حاضر مشرق ورؤية واعدة”.
وأضاف عابدين أن «أكتوبر الوردي» لا ينبغي أن يكون مناسبة سنوية فقط، بل منصة دائمة للتذكير والتثقيف والمتابعة، مشيرًا إلى أن العمل التوعوي يجب أن يستمر طوال العام، ويتكامل مع الجهود الطبية والمؤسسات الرسمية.
الرابطة.. نموذج للجاليات النشطة
وتُعد رابطة القانونيين السودانيين بالرياض من الكيانات المهنية الفاعلة التي تجاوزت نطاق العمل النقابي التقليدي إلى تبني مبادرات توعوية ومجتمعية، جعلت منها نموذجًا يُحتذى في العمل التطوعي المتكامل داخل الجاليات.
ولم تقتصر الفعالية على المحاضرات والنقاشات، بل شهدت أيضًا توزيع كتيبات تثقيفية ونشرات توعوية، هدفت إلى ترسيخ المعلومات الطبية بأسلوب مبسّط وسهل الوصول، إضافة إلى تشجيع الحضور على مشاركة الرسائل التوعوية في محيطهم الأسري والاجتماعي.
“وعي اليوم أمان الغد».. شعار يتحول إلى واقع
بشعارها «وعي اليوم أمان الغد»، استطاعت رابطة القانونيين السودانيين أن تترجم هذه العبارة إلى واقع ملموس من خلال أسبوع حافل بالتوعية والرسائل الصحية المؤثرة. فالفحص المبكر، كما أكدت الطبيبات، هو طوق النجاة الأول، والوعي المجتمعي هو السلاح الأقوى لمكافحة الأمراض المزمنة.
ويبدو أن هذا النوع من المبادرات بات يحظى بقبول واسع داخل الأوساط السودانية في المهجر، حيث يجمع بين البُعد الإنساني والطبي والتوعوي، ويؤسس لحالة من التكافل الصحي والاجتماعي بين أبناء الجالية.
رسائل عميقة:
رغم بساطة الفعالية من حيث الشكل، فإنها حملت في طياتها رسائل عميقة ومؤثرة، تمثّلت في التأكيد على أن التوعية ليست ترفًا، بل ضرورة مجتمعية، وأن دور الكيانات المهنية لا يقتصر على التخصصات فقط، بل يمتد ليشمل قضايا الصحة والحياة.
وبهذا، تكون رابطة القانونيين السودانيين بالرياض قد خطّت خطوة متقدمة على طريق بناء مجتمع صحي واعٍ، لتصبح قدوة في الجمع بين المهنية والإنسانية، وبين القانون والحياة.
