الرياض: محمد فتحي
عندما يستكشف القائمون على أمر الحراك العالمي التنافسي فيما يخص الأداء الابتكاري كل عام، لا تفارق الصين حلبة المنافسة، بل تزاحم دول العالم في الظفر بمراتبها الأولى، فالدولة التي حازت على المرتبة 17 عالمياً على مؤشر الابتكار العالمي في العام الماضي، أحرزت الثانية عالمياً في مؤشر الاستثمار في البحوث.
مؤشر الابتكار العالمي للعام 2018 والذي يقدّم مقاييس مفصّلة عن الأداء الابتكاري في 126 بلداً حول العالم، حسب 80 مؤشراً، رفعت فيه الصين ترتيبها من المركز الـ 22 في العام الماضي إلى المركز الـ 17 لهذا العام، في حين سبق أن تقدمت عام 2016 لأول مرة إلى المرتبة الـ 25 بدلاً من المرتبة الـ 29 في عامي 2016و2015، بينما جاءت الـ 35 في العام 2013م.
وكانت هذه القفزة التاريخية في مقاييس الأداء الابتكاري وتحسُّن ترتيبها بمقدار 18 مركزاً خلال 6 سنوات، سبباً في أن تكون الصين ضمن قائمة الـ 20 على المؤشر، لأول مرة في تاريخها حسب الـ “ويبو”، مع الإبقاء على مكانتها للعام الخامس على التوالي كأفضل اقتصاد متوسط الدخل، حتى باتت تقترب بشكل كبير من الاقتصاديات ذات الدخل المرتفع.
وحسبما أظهر تقرير العام السابق، تتصدُّر الصين عدداً من التصنيفات الفرعية، بما في ذلك حجم السوق المحلي والموارد البشرية وبراءات الاختراع ، وصادرات التكنولوجيا الفائقة والرسوم والنماذج الصناعية حسب المنشأ. أكدت المنظمة العالمية للملكية الفكرية “الويبو” في تقريرها الذي أصدرته بالتعاون مع جامعة “كورنيل” الأمريكية في إصدارتها الحادية عشرة لها هذا العام، أن مؤشرات الاستثمار في البحث والتطوير في الصين ثاني أكبر المؤشرات على مستوى العالم، كما بينت استمرار ارتفاع مؤشرات الإنتاج كعدد المنشورات العلمية وعدد طلبات البراءات الدولية فيها.
وقال فرانسيس غراي، المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية “ويبو”، إن نجاح الصين كان بمثابة إستراتيجية تم التخطيط لها بعناية من قبل القيادة الصينية لوضع الابتكار في قلب الاقتصاد.
وأضاف: “نرى أن التحول الهيكلي الهائل الجاري في الاقتصاد الصيني من الصناعات والمصانع ذات التكلفة المنخفضة إلى الصناعات ذات الكثافة المعرفية الأعلى بكثير، والابتكار هو المفتاح لنجاح هذا التحول”.
من جانبه قال شين تشانغ يو، مدير مكتب الدولة للملكية الفكرية، في مؤتمر صحفي اُقيم مؤخراً بمناسبة يوم الملكية الفكرية العالمي، إن الصين ظلت تتصدر دول العالم في عدد طلبات براءات الاختراع على مدى 7أعوام متتالية، موضحاً حصول “البر الرئيس الصيني” على نحو 1.38 مليون طلب براءة اختراع حتى نهاية 2017، ما يشير في المتوسط إلى 9.8 براءة اختراع لكل 10 آلاف شخص، على حد قوله، وحوالي 51 ألف طلب براءة اختراع دولي، لتتبوأ المركز الثاني في العالم، و5.748 مليون طلب لتسجيل علامة تجارية، الأمر الذي جعلها تتصدر دول العالم في هذا المجال للعام الـ16 على التوالي.
وفي الوقت نفسه، شهدت الصين تحسن فعالية استخدام حقوق الملكية الفكرية بشكل كبير، حيث أنشأت 10 مراكز لتداول حقوق الملكية الفكرية على مستوى الدولة، وتجاوز إجمالي مبلغ الواردات والصادرات من رسوم استخدام الملكية الفكرية 30 مليار دولار أمريكي، حسب شبكة الصين الأخبارية.
كما تقدمت الصين 5 مراكز في قائمة الاقتصادات العشرين الأكثر إبداعاً في العالم، بحسب تصنيف مؤشر الابتكار العالمي الذي نشرته المنظمة العالمية للملكية الفكرية.
فالمتابع لحراك مؤشر الابتكار العالمي يرى أن الصين تضخ بقوة مزيداً من الاختراعات والابتكارات في عروقه، ولا يغفل توجهها بنهم
لأن تكون سيدة عالم التكنولوجيا، عبر محاولتها السيطرة على جميع المنتجات والابتكارات، وكل ما يخص الصناعة على مستوى العالم، مما يثير قلق الولايات المتحدة.
وتعزيزاً لقدرتها التنافسية طرحت الصين إستراتيجية “صنع في الصين2025 ” في العام 2015وضخت 300مليار دولار كقيمة استثمارية، لتشكل محطة فارقة في مساعيها الدؤوبة لتحقيق حلمها في تحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع التكنولوجيا المتطورة، وتعزيز القدرة التنافسية في الابتكار التكنلوجي لمنافسة أوربا وأمريكا.
حراك ينضج على نار هادئة، يراقبه المختصون بالاقتصاد المعرفي عن كثب، ويراهن البعض عليه في أن تسحب البساط من أرض الابتكارات “وادي السليكون” بأمريكا قريباً.