الخرطوم:حسام ميرغني
بين مدينة سنكات شرق السودان وشندي شمالي السودان عاش رجل الأعمال محمود قسم السيد القرشي طفولته. تستحق حكايته ان تصبح نموذجاً لكل من تراوده أحلام المال والأعمال،فقد تحول من مجرد خطاط عادي ينقش بإزميله تذكارات القبور بمقابر فاروق ،وسط العاصمة السودانية الخرطوم، في ستينيات القرن الماضي ، إلى أحد أبرز رجال الأعمال في السودان و وكيل عالمي لكبريات الشركات اليابانية في مجال أجهزة الكهرباء الحديثة والسيارات .
بدأ محمود قسم السيد حياته بمدينة سنكات، شرقي السودان ،حيث كان والده يمارس التجارة هناك وانتقل مع أسرته الى مدينة شندي شمالي السودان في بواكير عمره بعد وفاة والده . درس مراحله الأولى هناك ثم انتقل للعيش في الخرطوم للعمل والدراسة. نهل من علوم معهد الكليات التكنولوجية في مجال الخطوط وأثناء الدراسة ظل يمارس العمل كخطاط في مقابر فاروق، يدون تواريخ وأسماء المتوفين بدقة وخط جميل على شواهد قبورهم ، ثم انتقل بعدها لكتابة عناوين الصحف بالخرطوم قبل دخول الكمبيوتر في مجال العمل الصحفي والخط ، وتزينت بعدها العديد من الدور التجارية بالخرطوم بلافتاته المضيئة والتى كانت تخط باليد .
تحول محمود قسم السيد الى رجل أعمال واسع الثراء ، بعد عمله مع تاجر ايطالي في مجال زينة المحلات بالأضواء الكهربائية والخطوط والإعلانات في الصحف . أراد التاجر الإيطالي أن ينفد بجلده من قبضة حكم مايو بقيادة جعفر نميري والذى جاء الى سدة الحكم بانقلاب عسكري في العام 1969 وقرر بعدها تأميم الشركات الأجنية ومن بينها كانت محلات التاجر الإيطالي. عرض التاجر أعماله للعامل معه محمود قسم السيد مطلع السبيعنيات ، وتخلى له عن محال تجارية شهيرة بوسط الخرطوم ، واستطاع محمود أن يتوسع في أعماله التجارية فيما بعد ليصبح من أبرز الأسماء الرأسمالية في السودان .
أسهم محمود قسم السيد في حقبة الثمانينيات التى شهدت أبرز انتشاره التجاري وثرائه ، أسهم بماله في بناء مشاريع وطنية كبرى ،من بينها دعم طريق التحدي الذي يربط بين الخرطوم وولاية نهر النيل.
يقول قسم السيد إن التحول المجتمعي الذي شهده السودان بدخول الكهرباء في السبعينيات جعله يفكر في مجال تجاري جديد حيث درج على استيراد أجهزة تلفاز من اليابان، وأشار إلى أن 40% من تلفزيونات السودان التى دخلت السودان في تلك الفترة بيعت من متاجره بوسط الخرطوم والتى عرفت بمحلات الأضواء قبل أن يقوم بتصفيتها قبل عشر سنوات للتفرغ لرعاية أسرته وأحفاده وتوزيع محاله للعاملين معه تماماً كما فعل معه الإيطالي في بدايه حياته المهنية .
يضيف قسم السيد مستدعياً إلى ذاكرته ماضي أعماله التجارية الواسعة ، أنه في السبعينيات،شارك الكوريون لأول مرة في معرض الخرطوم الدولي، و كانوا يعرضون عربات رويال أكورد وقلابات وشاحنات حمولة عشرة طن. “تواصلت معهم وأعلمتهم برغبتي في شراء عربات من هناك. كان عندي طموح أكبر لزيادة الأرباح و رأس المال وكانت مغامرة حيث لم يسبق لأحد أن اشترى عربات من كوريا الجنوبية ،وأنا من أدخلتهم السوق السوداني في العام 1977، وقمت بزيارة كوريا و اشتريت 10 عربات سيهان وكانت أول مرة تدخل للسوق المحلي. وكان سعر العربة 2800 دولار ودفعت في الصفقة كل ما أملك من مال ، ولكن السوق هنا لم يقبلها فمنحتها لأصدقائي وأسرتي ومعارفي مجاناً وخسرت رأس مالي وبدأت من جديد .
تحول قسم السيد بعد خسارة رأس ماله لليابان ،وقال”أدخلت اليابانيين إلى السوق السوداني عبر توكيل سوني والأليكترونيات التي كنت أتاجر بها وتنبأت لهم مع الكوريين بأن يكون لهم مستقبل كبير في السودان كسوق لمنتجاتهم وقد حدث”..
عمل قسم السيد وكيلاً لشركة سوني وتي دي كي المتخصصة في إنتاج شرائط الكاسيت ومراوح كي دي كي ومكيفات إنتار وسخانات المياه الإيطالية بيرن وسراميك إيطالي وعربات دايهاتسو وعربات دايو سيهان بيرد وأثاثات مورانو الإيطالية والمطابخ الإيطالية لابور وغيرها. ويحفظ تاريخ تجارة السيارات بالسودان لمحمود قسم السيد بأنه أول من أدخل (حاملات السيارات) لسوق العمل في السبعينيات من ماركة مارسيدس الألمانية..
قبل عشر سنوات،شعر قسم السيد بأنه حقق جزءاً كبيراً من أحلامه في الحياة وعليه أن يستريح ، فتنازل عن أعماله للعاملين معه واحتفظ باسم العمل لنفسه . ترك حوالي 18 دكاناً تجارياً كبيراً في السوق العربي بعمارة مرهج وسط الخرطوم وتحول لتجارة العقارات وإيجار الشقق المفروشة وهو عمل محدود ويمكنه متابعته دون إرهاق أو جهد أصبح يدخره لرعاية أسرته الكبيرة بالخرطوم والولايات المتحدة الأمريكية .
ونعم العم محمود قسم السيد القرشي رجل فاضل ومتواضع ياما لنا جلسات في جده في الشرفيه عمارة ارامكو اتمنا ان احصل على تلفونه وعنوانه