الخرطوم: عايدة قسيس
بدأت شاردة غير مبالية بمناداة ما حولها من طالبي كوب قهوة أو شاي ، وظلت قرابة الخمس دقائق غير مبالية وهي تنظر للأرض ويدها في خدها وعقلها مشتت (تشيل وتودي) كما يقول بعض والتفتت بهلع على صياح احد هم يناديها: “حليمة سارحة وين” عندها انتبهت الى ما يدور حولها والى حقيقية ما ستسفر عنه مقبل الايام وخوفها من المجهول، بعد ان اذاعت الحكومة السودانية بأن البلاد ستدخل مرحلة الحظر الشامل ابتدأ من السبت الثامن عشر شهر ابريل الجاري حتى منتصف مايو القادم أي ثلاثة أسابيع ، حليمة واحدة من العاملات في السوق بـ ” رزق اليوم باليوم “في صراع من أجل البقاء حيا، في بلد يظل الحصول على فرصة عمل، وإن كان في مهن هامشية، بعيد المنال، ولذا فبالرغم من ان القرار في صالح المواطن، الا ان الكثيرون من العاملين برزق اليوم اعتبروه بمثابة الوخز والطعن من على الخلف خاصة وان الحكومة لم توفر لهم أقل الاحتياجات الضرورية.
وقالت حليمة بائعة الشاي لـ (afroshongir) بأنها بالفعل في حيرة من امرها في كيف ستقضي فترة الحظر ثلاثة اسابيع وهي لم تعمل على توفير أو تخزين السلع اللازمة لجهة ان تريد تعتمد على. اليومية وما تجنيه من أموال تشتري به المطلوب من (خبز ، لحم ، خضروات ، زيت وصابون) وغيرها من الاحتياجات الضرورية ، مؤكدة على أن العمل في بيع الشاي يعتبر “رزق يوم باليوم” وليست مرتب حتى تستطيع أن توفر منه أو تشتري منه مواد او سلع تكفيها فترة الحظر .. والقت اللوم على الجهات المسؤولة في عدم حصر جميع العملات في بيع الشاي كيف السلع اللازمة لهن ، كاشفة في الوقت نفسه على أن الحظر تزامن مع شهر وصفته بالصعب وذات الصرف العالي على السلع والمواد (شهر رمضا ن) ، ومضت حليمة تقول نحن متوكلين على الله والخير فيما اختاره الله.
كثيرون غير حليمة عمال وعاملات يومية متوجسين من الحظر فها هي احدى العاملات في خدمة المنازل جاءت مرتجلة من بحري حتى شارع العرضة امدرمان وبين يديها اكياس تحمل بداخله خبز وخضروات واغراض اخرى وعلى راسها حطب، ودون سابق انزار وقفت امامي وقالت لي لا تقفي لن تجدي مواصلاتا لذلك لا تضيعي زمنك بالانتظار حينها كان وقت الحظر عند السادسة مساءا قد اوشك.. رديت عليها بأنني تعبت من المشي ولا أستطيع المشي أكثر من ذلك كانت على حق فقد كان الشارع على امتداده لا يوجد فيه مواصلاتا عامة سوى شاحنات وعربات نقل البضائع تعمل على تقليل المواطنين.
انتظرنا قليلا أنا وتلك العاملة التي طلبت منها ان نقف مع بعض لعل ربما يجود علينا بأبن الحلال بعربة فقد كان او وقفت لنا غربة بوكس وقبل ان نركب عليها اكتظت بالمواطنين الذي شاهدتهم يجرون من كل فج عميق للحاق بالعربة غير ان العاملة وضعت اكياسها وحجزت لي ولها مقعدا.. حينها تجاذبنا اطراف الحديث وتحدثنا تحديدا عن مرض كورونا الذي شغل العالم والحظر الكامل الذي ستدخله البلاد .عندها اجابت دون اكتراث من عدم خوفها من لنرض بقدر ما خوفها من توفير لقمة العيش لأولادها بعد الحظر الكامل وعدم وجود وسيلة نقل وتحرك . غير انها رجعت اكدت لي لأنها ستعمل المستحيل بأن تشتغل فترة السبعة ساعات المسموح فيها التحرك داخل الأحياء من (7_1) ظهرا ‘ لافته الى انها تقطن في أطراف امدرمان وانها يمكن أن تتحرك للمجي للأحياء الامامية لغسل الملابس والبحث عن رزقها و”لقمو عيش” اولادها.
لم يتقف الرجال او النساء عن التحرك وكسر الحظر تماما في ظل الازمات المتكررة والمتفاقمة في الخبز والغاز فقد شهدت الشوارع والاسواق حركة واسعة للمواطنين في سبيل الحصول على احتياجاتهم الضرورية لاسيما وان هنالك محلات تجارية واسواق مفتوحة .. لكن اكثر ما كان ملفت بالشوا ع الانتظار الكبير للنساء الباحثات عن بعض المؤسسات والخيرين لا عطاءهم كيس رمضان.. وهنالك من اصطففن امام بعض منازل الخيرين في سبيل الحصول على مبالغ لتقضيه اغراضهن.
وبالنظر إلى الحراك الاقتصادي العالمي، فإن هذه الجائحة تواصل إضرارها بالاقتصاد العالمي، فالآثار على معدل النمو (أو بالأحرى الكساد) وسوق الشغل تبدو عند أكثر المتفائلين سلبية، وهذا ما تؤكده كل من توقعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وبقدر ما تعتبر الأزمة الاقتصادية الناتجة عن هذا الوباء عميقة، بقدر ما تعتبر فريدة في تاريخ الاقتصاد المعاصر، كما تقول منظمة أوكسفام، وفيما يخص أفريقيا تؤكد المنظمة أن ما يقارب الـ”50″ مليون شخص بالقارة يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي بفعل تداعيات انتشار وباء كورونا بين يونيو وأغسطس 2020م.