
عطاء ممتد:
يومها، سطر ذات الإعلام، مانشتات تعقد حاجب الدهشة، تسلط الضوء لدعمه السخي الذي غير وجه قريته من براثن الفقر، إلى قرية نموذجية، بمشافي حديثة بلغت تكلفتها 455ألف يورو، ومدارس بـ 250 ألف يورو، ومكاتب بريد ومحطات وقود، ومنشآت أخرى، انه العودة إلى الجذور حضوراً وعطاءاً، حيث قلب الأهالي هنالك يتسع بمحبته الراسخة وأوتاره لا تُحصى، لأنه لم يصعد في “مركب نوح” غير آبه بصراخ الفاقة والفقر، كما كثير من نخب القارة السمراء، بل حمل على كاهله تغيير ذاك الوضع المزري، فيعطي 70 يورو شهرياً لكل أسرة، وحاسوباً محمولاً مجانياً و400 يورو لكل طالب متفوق، وملابس رياضية وكرات قدم، كما يعمل لإنشاء أكاديمية رياضية لصقل موهبة الهواة.
الفارس الملهم:
حتما لا يعلم تلك الإعلام وباروناته أن “ماني” هو الملهم هنالك في بامبالي ، وفارسهم المنقذ الذي يستمد سحره من روح جمهور قريته المنسية هذه بالسنغال، بعيداً عن آليات التسليع ومعايير نجومية مجالس البزنس، ورغم توهج مسيرته الإبداعية، إلا أضواء النجومية لم تحجب ابن أدغال أفريقيا عن أهله، إذاً هي فطرة المسئولية الاجتماعية، التي جعلته يغني باسمهم، حادياً لدرب أجيال حالمة هنالك، أجيال تائهة خلف سراب الوعود السياسية، حتى جاءت قصة نجاحه زاداً لهم لقهر المستحيل، وتعزيز إرادة الحياة لأكثر من 2000شخص، في قرية لطالما خبّأت ألف جرح وجرح على طول جسدها المنهك.
يستغرب من يشاهد ماني من استماتته على شعار فريقه… لكن سرعان ما يعلم انه ذات الإخلاص الذي حجّم روحه أن يغترب بعيدا عن مالات الفقر الذي كانت تئن قريته تحت وطأة ضرباته القاسية، تجرجر خيباتها، وتقف متعبة، اثقلت خطاها مقاصل العدم، انه التوق للتغيير، للإبداع للابتكار، التي حولت أيقونة بؤس، إلى مدينة عصرية ضاجة بالجمال، بخلق بيئة حضرية أكثر استدامة، قوامها مشاريع تعزز جودة الحياة وتُلهم السواعد الوطنية في خلق تنافسية محلية وعالمية في شتى ضروب الحياة.
إذاً هي قصة نجاح ملهمة تحررت من أسر الأضواء والأنانية، لتمسك بتلابيب الفقر، لأنها كانت تزدهي في ذاكرتها كل صورة مجيدة للأمان، ليعمل صاحبها جاهداً حتى تفارق بلده ذاك الهلع والتوجس والموت المجاني، وتحجب كف الشقاء للأبد، ليأخذ حقه من الحياة عنوة، تضخ سواعد أبنائها الخير بسخاء، ويفيض الحب ليثمر قبول الآخر، لتُكتب في سجل مشوار ساديو ماني الكروي بخط جريء أجمل انجاز، حتماً ستظل حروف حادية لغد معافى، وضّاءة، موغلة في الورافة، تشكل هدهدة دائمة لقلوب الحيارى في أفريقيا، حتى يخطو رفاق ماني بنُبل في ذات الطريق، لنزال بؤس الواقع بروح التحدي وعنفوان الشباب، عندها سينجلي ليل الفقر والفاقة وإن طال السفر.
